التنمر في المراهقة... مخاوف من اضطرابات عقلية

التنمر في المراهقة... مخاوف من اضطرابات عقلية
(اخر تعديل 2024-03-12 12:28:30 )

وجدت دراسة جديدة أن المراهقين الذين يطورون عدم ثقة بالآخرين نتيجة التعرض لـ"التنمر" في مرحلة الطفولة هم أكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية عند دخولهم مرحلة البلوغ، مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من مشكلات عدم الثقة بالآخرين.

يُعتقد أن الدراسة، التي نشرت يوم 13 فبراير/ شباط في مجلة Nature Mental Health، هي الأولى التي تنظر في العلاقة بين تنمر الأقران وانعدام الثقة بين الأشخاص والتطور اللاحق لمشاكل الصحة العقلية، مثل القلق والاكتئاب وفرط النشاط والغضب.

أجريت الدراسة باستخدام بيانات متابعة 10 آلاف طفل في المملكة المتحدة، روقبوا لمدة عقدين تقريباً، كجزء من دراسة مجموعة الألفية.

ومن خلال هذه البيانات، وجد الباحثون أن المراهقين الذين تعرضوا للتنمر في سن 11 عاماً، وبالتالي طوروا قدرا أكبر من عدم الثقة في العلاقات الشخصية بحلول سن 14 عاماً، كانوا أكثر عرضة بنسبة 3.5 مرات تقريباً للتعرض لمشكلات الصحة العقلية المهمة سريرياً في سن 17 عاماً مقارنة بأولئك الذين طوروا قدرا أقل من عدم الثقة.

تشير دراسات سابقة إلى أن 44.2% من طلاب المدارس الثانوية الذين أُخذت عينات منهم في الولايات المتحدة أبلغوا عن إصابتهم بالاكتئاب لمدة أسبوعين على الأقل في العام 2021، إذ أبلغ واحد من كل 10 طلاب شملهم الاستطلاع عن محاولة الانتحار في ذلك العام.

يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، جورج سلافيتش، مدير مختبر الصحة لتقييم الإجهاد والأبحاث التابع لجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، أن هذه النتائج يمكن أن تساعد المدارس والمؤسسات الأخرى على تطوير تدخلات جديدة قائمة على الأدلة لمواجهة الآثار السلبية للتنمر على الصحة العقلية.

"هناك عدد قليل من موضوعات الصحة العامة الأكثر أهمية من الصحة العقلية للشباب في الوقت الحالي. من أجل مساعدة المراهقين على تحقيق أقصى إمكاناتهم، نحتاج إلى الاستثمار في الأبحاث التي تحدد عوامل الخطر المرتبطة بسوء الحالة الصحية والتي تترجم هذه المعرفة إلى برامج وقائية يمكنها تحسين الصحة والقدرة على الصمود مدى الحياة"، يقول سلافيتش في تصريح لـ"العربي الجديد".

تناول الباحثون هذه الاتجاهات المرضية المثيرة للقلق من ناحية نظرية الأمان الاجتماعي التي تفترض أن التهديدات الاجتماعية، مثل التنمر، تؤثر على الصحة العقلية جزئياً من خلال غرس الاعتقاد بأنه لا يمكن الوثوق بالآخرين، أو أن العالم مكان غير ودي أو خطير أو لا يمكن التنبؤ به.

وفي حين حددت الدراسات السابقة الارتباط بين التنمر وقضايا الصحة العقلية والسلوكية بين الشباب، بما في ذلك تأثيره على تعاطي المخدرات والاكتئاب والقلق وإيذاء النفس والأفكار الانتحارية، إلا أن الدراسة الجديدة هي الأولى التي تؤكد المسار المشتبه به لكيفية قيام التنمر بالتسبب في عدم الثقة، وبالتالي مشكلات الصحة العقلية في أواخر مرحلة المراهقة.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة إنه عندما يصاب الأشخاص بمشكلات صحية عقلية كبيرة خلال سنوات المراهقة، فإن ذلك يمكن أن يزيد من خطر تعرضهم لمشكلات الصحة العقلية والجسدية طوال حياتهم إذا تركوا من دون معالجة.

بالإضافة إلى عدم الثقة بين الأفراد، فحص الباحثون ما إذا كان النظام الغذائي أو النوم أو النشاط البدني يربط أيضاً تنمر الأقران بمشاكل الصحة العقلية اللاحقة.

تشير دراسة سابقة إلى أن واحداً من كل ثلاثة شبان تقريباً في الولايات المتحدة الأميركية قد يتعرض للتنمر، ويبدو أن الأسباب التي تدفع هذا المراهق للانتحار مرتبطة بالتعرض للتنمر.

لكن التعرض للتنمر أيضاً له مستويات، إذ لا يتعرض جميع المراهقين لأشكاله نفسها. وفقاً للدراسة، فإن التنمر على أساس التوجه الجنسي للشخص أو الهوية الجنسية أو حول التعليقات الجنسية المؤذية، يرتبط بدفع المراهقين للشعور بالاكتئاب والاضطراب العقلي الذي قد ينتهي بمحاولة الانتحار.

وفي حين أن التنمر حول الجنس والتوجه الجنسي كانت له ارتباط أقوى بالاضطراب العقلي، فإن التسلط الاجتماعي، والإهانة على أساس العرق، كان لهما أيضاً ارتباط كبير بمحاولات الانتحار والألم العقلي.